مقالات ورأي

روسيا وايران: أيّ رئيس للجمهورية ؟

نبيه البرجي

فرنسا الابنة الكبرى للكنيسة . في عهد ايمانويل ماكرون الابنة الكبرى لأميركا . الأميركيون يفاخرون بأنهم انتزعوا (عنوة) الكثير من صلاحيات الله . من صاحبة الكلمة الأولى الآن : الكنيسة أم أميركا ؟ بالأحرى الله أم أميركا ؟
لذلك نسأل المسيو جان ـ ايف لودريان , أو من يراهنون على أن يتمكن , بالتكليف الضبابي من اللجنة الخماسية , من “تركيب” رئيس للجمهورية , هل يتصور هؤلاء أن بالامكان الاتيان برئيس بعيداً عن روسيا وايران ؟
الفرنسيون هم من يقولون ان لبنان , وبعدما هدأت في العراق واليمن , كما استهلك الدور الايراني في سوريا , بات الورقة الوحيدة في يد آيات الله للعب ضد أميركا , دون الاكتراث ببقاء اللبنانيين على أبواب جهنم .
اذ يزداد المشهد الداخلي تعقيداً , لا ندري على ماذا يتكئ المبعوث الرئاسي الفرنسي ليترك الانطباع لدى من التقاهم بأن الأنوار ستعود الى قصر بعبدا ان لم يكن في أيلول , حتماً بعد ذلك بقليل . ضوء أخضر أميركي وسعودي ؟ ماذا عن الضوء الأخضر الروسي , بل الايراني ؟
المؤكد أن ثمة أسماء سقطت من السلة . العماد جوزف عون وحده المتبقي . في هذه الحال , ماذا تقول موسكو , وماذا تقول طهران ؟ وهل حقاً ما يتردد في بعض الأوسط ألاّ رئيس للجمهورية قبل أن تضع الحرب في أوكرانيا أوزارها , أو قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في خريف عام 2024 , ليتبلور مسار العلاقات بين أميركا وايران , ويظهر ما اذا كانت الدولتان تتجهان الى اعادة احياء الاتفاق النووي أم تتجهان لوأده الى الأبد…
ولكن ألا يعني الانتظار أن تتحلل الدولة أكثر فأكثر ليغدو الخلاص مستحيلاً , ولتزداد التصدعات السياسية , والطائفية , هولاً , وتنزلق البلاد الى الفوضى الدموية , وبعدما حذرت أكثر من جهة خارجية من أن “حكومة المجانين” في اسرائيل قد تلجأ الى عملية عسكرية , أو استخباراتية , كبيرة لتفجير الوضع في لبنان ؟
ما يبدو من اصرار البعض على لاءاتهم , وعلى التراشق بلغة تستعيد الأجواء التي شاعت عشية اندلاع الحرب الأهلية (اللاأهلية) عام 1975 , أن كل فئة تراهن على السقوط الكامل للدولة من أجل تنفيذ رؤيتها للبنان الآخر , وبدعم خارجي بطبيعة الحال , دون أن يدري هؤلاء أنهم سيستفيقون ذات يوم ليروا أن لبنان قد “طار” من أيديهم , ان لم يكن قد “طار” , و”طاروا” معه , من الوجود !
لا بد أن يوجد من يهمس في اذن جان ـ ايف لودريان بأنه لم يقرأ ما وراء وجوه الذين التقاهم . لكن الرجل سيؤكد لأعضاء اللجنة الخماسية أنه حقق خطوات مثيرة في شق الطريق الى القصر , ولم يعد هناك سوى التوافق على اسم المرشح الذي يحظى بقبول الأطراف كافة .
حاولوا أن تستعرضوا الأسماء , وأنتم الذين تعلمون ما في النوايا , وما وراء النوايا . هل من امكانية التوافق على اسم محدد . أحد المراجع سأل ساخراً : “ما المانع أن ننتخب رئيسين للجمهورية” ؟ هكذا تحل المشكلة …
لابد أن يكون لدى أعضاء اللجنة الخماسية اسم أو اسماء محددة . المعلومات الخليجية تؤكد أن السعوديين يرفضون على نحو قاطع الدخول في لعبة الأسماء , ان لعدم ثقتهم بالمنظومة السياسية الراهنة , أو لأنهم يعرفون كيف تحترق الأصابع في الحالة اللبنانية , وعند هذا المفترق , حيث لا أحد يدري الى أين تمضي المعادلات , والمسارات , الاستراتيجية في المنطقة .
أوراق كثيرة اختلطت على مسرح الشرق الأوسط . أين الأميركي , وأين الروسي , وأين التركي , وأين الايراني , وأين الاسرائيلي ؟ تقاطعات , وتناقضات , دراماتيكية , ولا تساعد على قراءة المشهد بصورة دقيقة .
الضبابية نفسها تنسحب على المشهد اللبناني , بالرغم من الأجواء التي تركها لودريان والتي من الصعب قراءتها بوضوح . حتى اذا ما تم انتخاب رئيس للجمهورية , أي رئيس للحكومة , وأي حكومة ؟
مرجع سياسي قال “اذا كان رجل القصر يعي أي دولة يرأسها , وأي شعب , أو شعوب , يقودها , يغدو تشكيل الحكومة مسألة عادية بالرغم من التراكمات التي أحدثتها السنوات الأخيرة” .
نترك للأيام ـ اذا ما أتت هذه الأيام ـ أن تخترق كل تلك الستائر الترابية , وتقول لنا هذا رئيس جمهوريتكم . أي جمهورية …؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى