احذروا الافواه الجائعة … والبطون الفارغة

ليس في الاجواء اللبنانية ولا في مساحاتها ما يبعث على راحة الفكر والبال في ظل ما تشهده البلاد من قطع طرقات واعتصامات واضرابات متسلسلة … وما تشهده البلد من اعتلال، والاقتصاد من شلل وتدهور للوضع المالي وانهيار للعملة اللبنانية امام الدولار… هذا المشهد السوداوي المضطرب وضع البلاد والعباد في فوهة البركان المشتعلة والتي تحولنا شيئا فشيئا الى جثث متفحمة في اتون الصراعات التي لا يد للمواطن المسكين فيها ولا ذنب سوى انه وجد بقوة القدر وجبروته في وطن استباحه مسؤولوه الفاسدين سارقي اموال الشعب وناهبي مؤسساته، والعابثين في امنه واستقراره غير ابهين لتلك المشكلة الاقتصادية والمعيشية الواسعة التي يعيشها المواطن والتي اودت به الى الفقر والبطالة والعوز.
لقد اصبحت حياة أكثرية اللبنانيين معسرة، تلفها ضائقة شديدة، وتحكمها ظروف بالغة الصعوبة في تأمين غذائها وكسائها، ودوائها وتعليمها والحفاظ على شرفها وكرامتها.
ان الاكثرية الواسعة من اللبنانيين لا تستطيع ان تعول على دولة انهارت بكل مكوناتها، ولا تستطيع بعد اليوم ان تثق بهذه الطبقة السياسة الفاسدة التي سرقت ونهبت كل مؤسسات الدولة، لا يستطيع المواطن ان يعول على دولة باتت اشد اعسارا من المواطن وغارقة في الديون اكثر منه، وهي مطالبة في اسرع وقت باعادة بناء الوطن وتأمين مرافقه وخدماته واجهزته.
ليس امام المواطن الفقير الا التكافل والتضامن الاجتماعي والتعاطف الانساني لمواجهة الاعباء الاقتصادية الخطيرة التي تقض مضاجعهم وتقلقهم في عيشهم، نحن اللبنانيين نعيش اوضاعا لا نحسد عليها، نحيا يوميات مجبولة بالمخاوف تجعل حياتنا جحيما مقيتا، ليس في اخر نفقها شمعة امل او سراج نور يضيئ لنا الطريق نحو الامن الاقتصادي والاجتماعي والاستقرار المنشود.
خوف مستمر من الاتي الاعظم، هلع من حرب اقتصادية ومجاعة قد تحرق الاخضر واليابس … رعب مقيم جاثم فوق الصدور يقض المضاجع، ويطير النوم من العيون التائقة الى بلد ينعم مواطنيه بالراحة والبحبوحة.
وبعد يبقى علينا نحن المواطنين، المساكين، المنكوبين بساساتنا وحكامنا ومسؤولينا واحزابنا الطائفية المتمذهبة والذين مارسوا ابشع انواع القرصنة واسسوا العصابات والمافيات داخل الدولة واستباحوا المقدسات والمحرمات وسطوا على الاموال والارزاق وكذلك نهبوا وكنزوا وفحشوا … ونعموا بما سرقوه هم ونسائهم وابنائهم وازلامهم وكل من يدور بفلكهم ولم يتركوا لمتوسطي الحال والفقراء سوى البكاء على اطلال الدولة … المطلوب من هؤلاء المجرمين الناهبين والسارقين اموال الوطن والمواطن ان يكفكفوا دمعة البائس ودموع الثكالى ويملأوا بطون الجائعين ويرعوا الشيخ السقيم والطفل اليائس وبالاحرى ان يعيدوا للسائل والمعوز واليتيم والشيخ الجليل كل الاموال التي نهبوها خلال ثلاثين سنة من الحكم، يجب ان تستيقظ ضمائركم الهاجعة والافئدة الغافلة وان تعيدوا حساباتكم قبل فوات الاون وقبل ان تلتهمكم الافواه الجائعة قبل الرغيف وتقلب حياتكم رأسا على عقب… احذروا الافواه الجائعة… احذروا البطون الفارغة.